يعتبر فيتامين د (بالإنجليزية: Vitamin D) أحد أهم الفيتامينات الذائبة في الدهون، حيث له دور رئيسي ومهم في عملية النمو السليم للهيكل العظمي، وتتمثل الوظيفة الرئيسية لفيتامين دال في تحسين كفاءة امتصاص الكالسيوم من الأمعاء الدقيقة. ويوجد فيتامين د في بعض الأطعمة، مثل الأسماك الدهنية والحليب. كذلك يمكن الحصول على فيتامين دال من خلال التعرض لأشعة الشمس أو من خلال المكملات الغذائية.
بالإضافة إلى أهمية فيتامين د في الحفاظ على صحة العظام وتوازن عملية التمثيل الغذائي في الجسم فقد ارتبط فيتامين د في بعض الدراسات البحثية بتأثيره على تقليل خطر الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة بما في ذلك مرض السرطان. حيث أن البيانات الوبائية والبيئية تشير إلى أن انخفاض مستوى 25 – هيدروكسي فيتامين د (بالإنجليزية: 25 – Hydroxy Vitamin D, Calcidiol) في الدم مرتبط بزيادة خطر الإصابة بأكثر من 15 نوع من السرطان، مثل سرطان الثدي، وسرطان القولون، وسرطان الرئة، وسرطان المبيض، وسرطان البنكرياس، وسرطان البروستاتا.
على الرغم من أن الآلية الدقيقة حول كيفية تأثير فيتامين د في الحد من مخاطر الإصابة بالسرطان غير واضحة تماماً إلى الآن بالنسبة للباحثين والعلماء، إلا أن أحد التفسيرات يشير إلى أنه من خلال رفع مستويات 25 – هيدروكسي فيتامين د، وهو أحد أشكال فيتامين د، فإنه يمكن لهذا المستقلب (بالإنجليزية: Metabolite) أن يدخل عدد كبير من الخلايا في الجسم ثم يتم تحويله إلى 1، 25 – هيدروكسي فيتامين د3 (بالإنجليزية: 1, 25 – Dihydroxy Vitamin D3, Calcitriol) وهو شكل آخر من فيتامين د، والذي له فعالية ملحوظة في التقليل من انتشار الخلايا وخاصة الخلايا الخبيثة التي تحتوي على مستقبلات فيتامين د 3.
يعزز 1، 25 – هيدروكسي فيتامين د3 أيضاً من عملية موت الخلايا المبرمج (بالإنجليزية: Programmed Cell Death)، كذلك فإن هذا الشكل من فيتامين د يعتبر مضاداً للأوعية الدموية، وبالتالي له دور في منع تغذية الأورام السرطانية. لذا فإن تحسين مستويات فيتامين د في الجسم من خلال تناول المكملات الغذائية أو الأطعمة التي تحتوي فيتامين د أو التعرض لأشعة الجسم بشكل كافي تعتبر استراتيجية معقولة لتقليل من فرص الإصابة أو انتشار الأورام الخبيثة والوقاية من السرطان.
بعض الدراسات وجدت علاقة وقائية بين مستوى فيتامين د الكافي في الجسم وبين انخفاض خطر الإصابة بالسرطان أو تأثيره في التقليل من تسارع تطور مرض السرطان عند المصابين به، ولكن في المقابل هناك دراسات أخرى لم يثبت من خلالها هذه النتائج.
نتعرف فيما يلي على دراستين مختلفتين فيما يتعلق بالعلاقة بين فيتامين د والسرطان:
أجرى الباحث تايكي ياماجي وزملائه من مركز علوم الصحة العامة بالمركز الوطني للسرطان في اليابان دراسات أشارت إلى أن فيتامين د هو فيتامين أساسي للأجسام، ويلعب دوراً مهماً في الحفاظ على مستويات الكالسيوم، وعمل الجهاز المناعي، والتواصل العصبي، وعمل العضلات. بالإضافة إلى ذلك أشارت الأبحاث إلى أن انخفاض مستويات فيتامين د هو عامل خطر لأنواع معينة من السرطان، وأن مستويات فيتامين د الكافية في الجسم يمكن أن تكون عامل وقاية من بعض أنواع السرطان. حيث قام الباحثون بتحليل بيانات 33.736 يابانياً تتراوح أعمارهم ما بين 40 – 60 سنة، وتم إجراء تحليل لمستويات 25 – هيدروكسي فيتامين د لهم على نحور دوري على مدار 16 سنة تقريباً، وخلال فترة المتابعة أصيب من بينهم 3301 بالسرطان.
مع مراعاة الفروقات في العوامل الحياتية المختلفة بين الأشخاص، مثل العمر، ومؤشر كتلة الجسم، والنشاط البدني، والتدخين، تم مقارنة مستويات فيتامين د عند الأشخاص الذين أصيبوا بالسرطان مع غيرهم فوجد أن الأشخاص الذين لديهم مستويات فيتامين د منخفضة فإنهم أكثر عرضة لخطر الإصابة بالسرطان بنسبة 20%. وذكرت هذه الدراسة أن ارتفاع فيتامين د له دور بانخفاض خطر الإصابة بسرطان الكبد بنسبة 30 – 50 في المائة، ولكن لم يتم ملاحظة ارتباط بين مستويات فيتامين د المرتفعة وانخفاض خطر الإصابة بسرطان الرئة أو سرطان البروستاتا، كذلك لم يتم الإشارة إلى وجود رابط ما بين ارتفاع مستويات فيتامين د وزيادة خطر الإصابة بالسرطان.
أجريت دراسة حديثة في جامعة ولاية ميشيغان، وتم دراسة بيانات ما يقارب 80.000 شخص مصاب بالسرطان بمتوسط عمر 68 عاماً، ووجد الباحثون أن المصابين بالسرطان الذين كانوا يستخدمون مكملات فيتامين د انخفضت نسبة الوفاة فيما بينهم بنسبة 13% مقارنة بمرضى السرطان الذين كانوا يتناولون الدواء الوهمي. لكن على الرغم من هذه النتائج فقد أشار الدكتور طارق هيكل وهو طبيب مقيم في الطب الباطني ومؤلف هذه الدراسة إلى أن فيتامين د له تأثير على تقليل خطر الوفاة بين مرضى السرطان، ولكن لا يوجد دليل على أن فيتامين د له دور في الوقاية من السرطان.
من الجدير بالذكر أن بعض الخبراء مثل جويا شاندرا وهي أستاذة في طب الأطفال وعلم الوراثة والتوليد الجزيئي للسرطان أشارت إلى هناك حاجة إلى المزيد من التحليلات الأدق والدراسات الأشمل قبل استخدام فيتامين د على نطاقات واسعة بهدف الوقاية من السرطان أو بهدف تقليل نسب الوفاة بين المصابين بالسرطان، حيث أنه يجب معرفة فيما إذا كان تأثير مستوى فيتامين د يختلف باختلاف الفئات العمرية، والأعراق، ونوع السرطان، وغير ذلك من العوامل.